المعادلة القادمة بريشة الرسام الأميركي
د.فواز الفواز
لا يخفى على المتابع لسياسات أميركا بعد الحرب العالمية الثانية إنها تحاول خلق العدو ثم تنقلب على العدو، ثم تعود لمغازلة العدو ليصبح صديق، ثم تنقلب عليه في لحظة تعتقد أن الأنقلاب يخدم توجهاتها لأكثر من عقد قادم، وهذا ما حدث ويحدث مع دول الشرق الأوسط بصورة خاصة والعالم الثالث بصورة عامة .
لنتكلم فيما يخص العراق تحديداً وهذا الذي يهمنا بهذه السطور، ونقول استطاعت قبل 35 عاما توريط اطراف عربية وإسلامية ( العراق وإيران ) بحرب ضروس استمرت ثمان سنوات خسر فيها الطرفان الكثير من الأموال والدماء دون ربح ملموس مستقبلي لأحد الطرفين، نعم ربح العراق ربحاً معنوياً بعد أن حرر اراضيه من الجيوش الإيرانية ،وأعتبر لحظتها هو الرابح في حين لا رابح في هذه الحرب إلا اميركا وإسرائيل، والعراق وإيران كانوا مجرد دمى وروبوت وأموال تخدم معامل أميركا العسكرية وتوجهاتها بالمنطقة، فصدام حسين يتعامل سرا مع أميركا ، والخميني ايضا يتعامل سراً مع أميركا لضمان كسر العدو، وهم الخاسرون وهي الرابحة .
بعد خروج العراق رابحاً ولو ظاهرياً استطاعت أميركا اقناع صدام حسين بطريقة أو بأخرى من الهجوم وغزو الكويت بعد أن لوحت له بإشارات الرضا وبأن الدخول للكويت هو شأن الداخلي وما الكويت إلا محافظة عراقية وفقا لما قبل سايكس بيكو، حين دخل صدام حسين استطاعت اقناع العالم بالغزو البربري للقوات العراقية حتى جمعت أكثر من 30 دولة وتم طرد القوات العراقية مع خسارة لا مثيل لها في المعدات والأرواح العراقية ،ومن ثم بدأ مسلسل التآكل الناعم، فبدأت مرحلة الحصار وبعد الحصار بـ (أكثر) من عقد تم احتلال العراق بطريقة بربرية أبشع من بربرية دخول القوات العراقية إلى الكويت .
انتهينا من العراق وبدأت أميركا بتنفيذ المخطط الثاني وهو توريط إيران بالعراق، فسمحت لإيران وعملاءها من متسكعي الشوارع في بريطانيا وأميركا وغيرها من دول العالم باستلام السلطة وبدأ مسلسل جديد من انهاء مظاهر المواطنة بين أبناء البلد وتقسم البلد إلى سني متشدد وشيعي متطرف بسبب الأجواء والإعلام الديني الذي تم زرعه من كل الأطراف وفق نظرية فيزياوية لكل فعل رد فعل، ووفق نظرية الأديان من البابلية إلى اليهودية إلى الإسلامية ( العين بالعين والسن بالسن ) فبدأ كل طرف ينتقم من الآخر بغباء كبير، وزاد التشدد، وكره الولد خاله، وكره الخال أبن الأخت بسبب اختلاف المذهب .
زادت إيران توغلها في العراق ومنها انطلقت لبعض الدول معتقدة أن الفرصة جاءت على طبق من ذهب من أميركا لتعيد الإمبراطورية الفارسية بصيغة وشكل إسلامي شيعي اثني عشري وبمضمون كسروي كبير، وزاد معها التشدد وكثرت بازهاق الأرواح .
أميركا بارعة في توريط الدول الشخصيات فها هي إيران تورطت دون عودة، فكل يوم يمر تزداد قناعة عند إيران بأنها ستقطف ثمار تعبها وجهدها وتحقق ما تريد في الدول العربية، وبنفس الوقت يزداد غرس اقدامها في الوحل العربي دون أن تشعر، وأميركا جالسة تتفرج وكأنها صياد ينتظر تجمع أكبر عدد ممكن من السمك أو الطيور في منطقة القتل المعدة مسبقاً منه قبل أن يطلق الرصاصة أو يرفع الشبكة .
مستقبلاً سيتم محاسبة إيران وتغريمها عن كل برميل نفط تم سرقته من العراق، مستقبلاً كما دفعنا للكويت اضعاف ما سرقناه حين تم الغزو ستدفع إيران ما سرقته اضعاف واضعاف ، فها هي أميركا أوصلت مقدار الغرامة على إيران لحدود 300 ( مليار دولار ) وعلى إيران أن تدفعها لضحايا هجمات سبتمبر 2001 ، وبعدها ستدفع للعراق خسائر كما دفعنا للكويت ولحد يومنا هذا الخسائر الكبيرة والمبالغ بها ستدفع لنا إيران خسائر مبالغ بها بسبب سرقتها لنفطنا ولمعداتنا ولانتهاكاتها للعراق ارضاً وجواً ونهراً وبشراً وخيرات.
نسينا أن نقول أن أميركا لها جنود إسلاميون يرفعون علم أسود مكتبوب فيه عبارة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) هؤلاء جنودها لا ينتهي لهم واجب إلا بعد أن تتقسم إيران لدويلات بعدها سيتبخر هؤلاء الجنود، فمنهم من تقتله، ومنهم من يعتزل، ومنهم من يعود لأهله رابحا، ومنهم من يتم اخفاءه للأبد .
هكذا هو عمل فرشاة الرسام السياسي الأميركي وما نحن إلا لوحة بيضاء يخط ويرسم عليها ما يريد .
ـــــــــــــــــــــــــــ
خارج النص : عليكم أيها القراء الأنتباه كيف بدأت أميركا بإسقاط عملاءها في العراق ،فبالأمس ،،،،،،، واليوم ،،،،،،،،،،،، ، وكل يوم يتم اسقاط الكثير بطريقة عالمية لا محلية كما هي الوثائق المعروضة وغيرها من فنون وكالة المخابرات المركزية ، وشكراً أميركا والف شكر .


شكراً على التعلق